من أذكار سجود الصلاة :
قال مسلم في صحيحه
[473] وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ؛ دِقَّهُ وَجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ».
الشرح والبيان
المعنى الإجمالي :
قوله : ( وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ ) هو أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ المصري ثقة ، مات سنة (250) .
( وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ) هو يونس بن عبد الأعلى بن موسى بن ميسرة بن حفص بن حيان الصَّدّفي ، أبو موسى المصري ، ثقة مات سنة (264) .
( قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ) هو عبدالله بن وهب بن مسلم القرشي ، مولاهم ، أبو محمد المصري الفقيه ، روي عن أحمد أنّه قال : ( كان ابن وهب له عقل ودين وصلاح ) ، وقال الحارث بن مسكين : ( جمع ابن وهب الفقه والرواية والعبادة ، ورزق من العلماء محبةً وحظوة من مالك وغيره ) ، مات سنة 197 .
( قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ) هو يحيى بن أيوب المقابري أبو زكريا البغدادي العابد ، وثقه بعض أهل العلم ، مات سنة(234) .
( عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ ) هو عمارة بن غزية بن الحارث بن عمرو الأنصاري النجاري المازني المدني ، لا بأس به ، قال أحمد وأبو زرعة : ثقة ، وقال يحيى بن معين : صالح ، وقال أبو حاتم : ما بحديثة بأسٌ كان صدوقاً ، وقال محمد بن سعد : كان ثقة كثير الحديث توفي سنة أربعين ومائة .
( عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ ) هو سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، ثقة ، مات سنة (130) .
( عَنْ أَبِي صَالِحٍ ) هو ذكوان السمّان الزيّات المدني ، مولى جويرية بنت الأحمس الغطفاني ، شهد الدار زمن عثمان رضي الله عنه ، مات سنة 101 ، وكان من أثبت الناس في أبي هريرة رضي الله عنه .
( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺكَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ؛ دِقَّهُ وَجِلَّهُ ) دِقه : بكسر الدال وتشديد القاف المفتوحة ، أي : دقيقه وصغيره ، وجِلَّه : بكسر الجيم وتشديد اللام المفتوحة ؛ أي : عظيمه ، ( وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ ) أي : ما تقدّم منه وما تأخر ، ( وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ ) أي : ما ظهر منه وما خفي على غير الله تعالى لأنَّهما عند الله سواء فلا يخفى عليه من عباده خافية ، قال النووي رحمه الله: ( وأما استغفاره ﷺ ، وقوله : ((اللهم اغفر لي ذنبي كله)) ، مع أنه مغفور له ، فهو من باب العبودية ، والإذعان له ، وإظهار العبودية والشكر ، وطلب الدوام ، أو الاستغفار عن ترك الأولى أو التقصير في بلوغ حق عبادته مع أنَّ نفس الدعاء هو عبادة ) .
من فوائد الحديث :
1ــ في الحديث دليل على مشروعية قول هذا الدعاء في السجود ، لما فيه من الافتقار إلى الله سبحانه وتعالى.
2ــ دليل على مشروعية تأكيد الدعاء ، وتكثير ألفاظه الموحية بتمام الافتقار ، وإنْ أغنى بعض الألفاظ عن بعض .
3ــ قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( لو قال : ( اغفر لي ذنبي ) لكفى عن هذا التفصيل ؛ لكن قال ﷺ : ((اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ وَجِلَّهُ ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ ، وَعَلانِيَتَهُ وَسِرَّه)) ، والبسط في الدعاء والتفصيل فيه فائدتان :
الفائدة الأولى : استحضار الإنسان لهذه الأحوال التي يقع فيها الذنب.
والفائدة الثانية: كثرة مُناجاة الله عز وجل ، أو طول مناجاة الله سبحانه وتعالى ، ولا شكَّ أن الحبيب مع حبيبه يحب أن يطول معه المناجاة ؛ ولهذا تجد الحبيب مع حبيبه لو بقي ساعات طويلة وهو يحادثه ما مَلّ ) .