140 – عن أنس رضي الله عنه قَال َ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم : (( إنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَأكُلَ الأَكْلَةَ ، فَيَحمَدَهُ عَلَيْهَا ، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ ، فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا )) .
( الأَكْلَةُ ) بفتح الهمزة: وَهيَ الغَدْوَةُ أَو العَشْوَةُ .
من فوائد الحديث :
1-أجمع السلف على إثبات الرِّضَى لله تعالى فيجب إثباته له من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل . وهو رِضَى حقيقي يليق بالله تعالى .
2-في هذا الحديث : بيان فضل الحمد عند الطعام والشراب ، وهذا من كرم الله تعالى ، فإنه الذي تفضَّل عليك بالرزق ، ورضي عنك بالحمد .
3-استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب .
4- يطلق الحمد على الشكر والشكر على النعمة وإن قلت سببٌ لنيل رضا الله تعالى الذي هو أشرف أحوال أهل الجنة لحديث : (( أُحل لكم رضواني فلا أسخط عليكم أبدًا )) .
5-كان الشكر سببًا لنيل ذلك الإكرام العظيم ؛ لأنَّه يتضمن معرفة المنعم وافتقار الشاكر إليه فقد تضمّن ذلك معرفة حقّ الله تعالى وفضله ، وحقّ العبد ، وفاقته ، وفقره ، فجعل الله تعالى جزاء تلك المعرفة تلك الكرامة الشريفة .
6- الإنسان يتقلب بنعم الله ، واستقبال النعم يكون بالحمد والشكر والاعتراف بفضل المنعم والمحبة لله سبحانه وتعالى .
7- من فوائد الحمد : أداءُ شكر المنعم وحفظ النعمة وطلب زيادتها ، فقد أعلم ربنا بذلك إذ قال : { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } .
8- قال الطيبي : (( إنَّ الشاكر لما رأى النعمة من الله تعالى وحبس نفسه على محبة المنعم بالقلب وأظهرها باللسان نال درجة الصابر )) .
9- للحمد صيغ متعددة وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم:
أولاً : ما ساقه البخاري في صحيحه ، وبوّب عليه بقوله :
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ
5458 – حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ ثَوْرٍ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ ؛ قَالَ : (( الحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيه ِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلاَ مُوَدَّعٍ وَلاَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا )) .
5459 – حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ – وَقَالَ مَرَّةً : إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ – قَالَ : (( الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانَا وَأَرْوَانَا ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلاَ مَكْفُورٍ )) . وَقَالَ مَرَّةً : (( الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّنَا ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلاَ مُوَدَّعٍ وَلاَ مُسْتَغْنًى رَبَّنَا )) . ( فرغ من الطعام ) أي : انتهى منه . ( مائدته ) أي : الطعام أو الآنية التي كان الطعام فيها . ( طيباً ) خالصاً . ( مباركاً فيه ) كثير البركة . ( غير مكفي ) أي : ما أكلناه ليس كافياً عما بعده ، بل نعمك مستمرة علينا غير منقطعة طول أعمارنا . ( ولا مودع ) من الوداع أي ليس آخر طعامنا ، وقيل : الضمير عائد إلى الحمد . ( كفانا ) من الكفاية ، ويدخل ضمنها الشبع والري . ( أروانا ) من الري ، وهو أخذ الكفاية من الماء . ( ولا مكفور ) غير مجحود فضله ولا تنكر نعمته .
من فوائد الحديث الذي ساقه البخاري بروايتيه :
1- من آداب الطعام أن يقول العبد إذا قضى حاجته من الطعام هذا النوع من الأدعية لما فيها من حمد الله سبحانه وتعالى على أنْ أنعم عليه بهذه النعمة العظيمة ، وفيها الدعاء بعدم رفعها وإزالتها عنه .
2- وجوب شكر النعم ؛ لأنَّ عدم شكرها من أسباب رفعها وزوال البركة منها .
3- إنَّ المؤمن الحق لا يخطو خطوةً إلا وهو موقن بأنَّه لولا توفيق الله له وإنعامه عليه لما خطى هذه الخطوة ؛ فيحمد الله على جل نعمه ولا يستغني عن ربه .
ثانياً : وكذلك أحسن عبارات الحمد ( الحمد لله رب العالمين ) ، وهي فاتحةُ كتاب رب العالمين ، وآخر دعوى أهل الجنة { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ، وفي ذلك ملمح إلى أنَّ من تمسّك بكتاب الله قاده إلى جنّات النعيم .