أيها الآباء ، اعدلوا بين أولادكم في العطايا تأليفاً بين الأخوة وقطعاً لمسببات الشحناء والبغضاء ، ولإعانتهم على حسن البر :
287- عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قَالَ : تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ . فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ : لا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ . فَانْطَلَقَ أَبِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِيُشْهِدَ عَلَى صَدَقَتِي؛ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ :
(( أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ ؟ )) . قَالَ : لا . قَالَ : (( اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلادِكُمْ )) . فَرَجَعَ أَبِي ، فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ .
وَفِي لَفْظٍ : (( فَلا تُشْهِدْنِي إذاً . فَإِنِّي لا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ )) .
وَفِي لَفْظٍ : (( فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي )) . (تيسير العلام شرح عمدة الأحكام)
من فوائد الحديث :
1- الأَمر للوالد بالعدل بين أَبنائه في العطية ، وعدم جواز تفضيل بعضهم على بعض فقال العلماء بأَنَّ الأَب إذا أَعطى أَحد بنيه دون غيره لزم برد هذه العطية إذا كان موجوداً ، أَما إذا توفي الأَب وكان قد أَعطاها إياه ، وهو قوي فإنَّ ذلك يثبت للولد ، وليس لأَحد أَن يأخذه منه .
2- لا يشرع لأَحد أَنْ يشهد على هبة الرجل لبعض أَولاده دون بعضهم .
3- اختلف العلماء في مشروعية رد الرجل لعطيته التي أعطاه لولده ، ولعل الراجح في ذلك هو المشروعية حتى إنَّ بعض العلماء قالوا بأنَّه
ما دام أنَّه شرع للأب أن يأكل من مال ولده بالمعروف ، فإنَّ ردَّ العطية يكون من باب أَولى ، ولكن ينبغي التنبيه على أَمر وهو إذا كان أعطاه إياها على سبيل الصدقة لا الهبة فلا يشرع ردها .
4- على والي المسلمين أَنْ يحرص على حفظ رعيته من الوقوع في الخطايا ، والآثام حتى لو اضطره الأَمر إلى البذل من أَمواله من أَجل ذلك.
5- إنَّ المرأَة الصالحة هي التي تكون حريصةً على تطبيق زوجها لحدود رب العالمين ، والتي تكون عوناً له على فعل الخير وترك ما عداه .
6- من التقوى التي جاء الأَمر بها العدل بين الأَولاد ، وعدم تفضيل بعضهم على بعض .
7- على الرجل الذي يريد أنْ يشهد أَحداً على عقد سواء كان هبة أَو بيع أَو غيره أَنْ يتخير من الناس الصادق العاقل القوي الذي يقوم بكلمة الحق .
8- يَنْبغي على كل راع أنْ يعدل بيْن رعيَّته، والوالدُ راعٍ ، ورعيَّتُه أهلُه من زوجتِه وأولادِه ، ومِن تَمامِ العدلِ ألا يفرّق بيْن أولادِه في العطيَّةِ .
9- الأمر برد الهبة في هذا الحديث ؛ للتَّأليف بين الإخوةِ ، وقطعِ مسبّباتِ الشَّحْناءِ والبَغْضاءِ بينهم ، ولإعانتهم على حُسنِ بِر أبيهم .